كان لا يحلو لي النوم إلا داخل تلك الكتل الصخرية لا اعرف السبب وراء ذلك السر ، عندما اكون داخل منزلي الهادىء علي سرير مريح ووسادة ملساء رقيقة لا استطيع النوم بل اننى أعتبر نفسي في داخل غمار معركة طاحنة مع الافكار اللتى تنتزع نومى كلما اقترب منى كأنما تسقطه من علي صهوة جواد جامح ، فأقرر كل مساء أن اقضي ليلتى في صحراء منطقة القرنة القريبة من منزلى لأنام تحت سماء ارض الاموات ؛ اعلم تماما انها ارضا ضمت جسامين اجدادنا الفراعنة وليسوا اشخاص عاديين بل انهم كانوا عظمائهم من ملوك وملكات واميرات حظوا بالاحترام والقوة وكذلك التكريم حتى بعد الموت ، فمنهم من حكم مصر من اقصاها لأدناها وخضعت له رقاب الأقطار بكامل هيبتها وجلالها ، ومنهم كانت تهتز الارض لعبوره فوقها ، ولكن في النهاية طوت كل انفاسهم غياهب صحراء الوادى الغربي من مدينة الاقصر واصبحوا في طي النسيان ، .
افترشت رمال الصحراء واغمضت جفنى واستسلمت لنوم عميق .
لم البس إلا لحظات حسبتها ضهرا واذا بي اصحوا منتفضا علي صوت انثوى ارعبنى لوهلة لكونى اعلم تمام اليقين اننى موجود في مكان مقفر محال أن يأتى إليه إنسان في تلك الوقت بالتحديد !
لثوان انتابنى عدة احاسيس اختلط الخوف فيها مع الفضول فمن تكون تلك السيدة ؟
بصوت متهدج سألتها من انت ؟
ظلت صامته للحظات تحدق في وجهي واذا بي امعن النظر في وجهها يالله كم هي جميلة تلك السيدة اللتى خرجت من العدم كانت تمتلك عينان سوداوان رئيتهما علي ضوء القمر الخافت ، وشعر مضفر بجدائل انتهت بمشابك زهبية وبشرة خمرية اللون صافية كأنها تشع منها ضوء خلف بشرتها يضيء وجه الجميلة ، وترتدى ثوب ابيض شفاف يشبه اميرات الجداريات المرسومة علي مقبرة نفرتاري !
نعم انها تشبههم كما لو انها خرجت من الجدار نفسه ؛ هي هيئتهم وزيهم من تكون تلك الفرعونية ؟ هل انا احلم ام اننى اري شبحا من الماضي ، ولكن لماذا كل تلك الطمئنينة اللتى انتابتنى فجأة ؟
هل جمال تلك السيدة انعكس علي مشاعرى فأصبحت لا افكر إلا في امعان النظر في وجهها الجميل ؟
لا اريد الأ ان املأ عينى من تلك الملامح اللتى تأسر القلب
كسرت الصمت اللذي اطبق علي المكان للحظات وسألتها بصوت مبحوح
من انت ؟
كانت صامته للحظات
ونطقت بكلمات لم افهمها لوهلة واذا بها تقول لي سعد انا اعرفك ! يا الله تعرفين اسمى ؟
نعم اعرفك واراقبك كثيرا وانت نائم هنا فقد اعتدت رؤيتك في تلك المكان !
من انت وكيف تعرفيننى ايتها السيدة وماذا اتى بك هنا ؟
اسمى امنريدس وانا هنا منذ آلاف السنين وقد مللت من المكوث اسفل تلك المكان في تابوتى الخشبي ، وقررت الخروج الي اعلي السطح فقد اشتاقت رئتى لهواء طيبة الساحر ، وكنت اراقبك منذ فترة طويلة وانت نائم وحفظت ملامح وجهك كأننى ارسمها كل يوم ؛
حتى اننى اعتدت رؤيتك فلا يستقر فؤادى في مكانه حتى اسمع صوت انفاسك المتقطعه وخفقات قلبك اللتى تقطع هدوء تلك الصحراء ؛
هل انا احلم ؟ تمتمت بتلك العبارة بصوت مرتفع فإذا بالجميلة امنريدس تضحك بصوت عالي له صدى عزب لم اري اجمل من ضحكتها اللتى كشفت عن ثناياها فكأنما اضائت الليل وطغت علي ضوء القمر
سألتها دون أن اشعر ؛ كيف لعيناي ان ترى كل هذا الجمال يا سيدتى من اي عصر انتى ؟
اجابت وقد علت شفتاها بسمة تبعث الطمأنينة في القلب لقد انتظرت تحت الرمال في غرفتى لسنوات كثيرة لا استطيع ان اعدها من كثرتها ولكننى قررت الخروج كأنما شيء قد دفعنى رغما عنى للخروج مع علمى أننى سوف اعاقب اشد عقاب من آلهة الارض السفلي اوزير ، ومن المحتمل انهم سوف يمنعوننى من العبور الي الحياة الآخرة بسبب فعلتى هذه ؛
دفعنى حديث الاميرة الجميلة وهدوئها اللذي يبعث الطمأنينة في القلب أن امد يدى لكى ابعد خصلة من شعرها الأسود قد غطت عينها وهي تتحدث ، وفجأة وبمجرد أن لمست اصابعي خصلات شعرها تلاشت بدون سابق إنزار !
فأذا بي انهض واقفا كمن يتهيء للركض وابحث عن السيدة الجميلة هنا وهناك واهرول سريعا كأنما اصابنى مس من الجنون ؛ اين انتى ؟ امنريدس
اين اختفت يال حظى العاثر ليتها قطعت اناملي قبل ان تمسها فقد بدا جليا أننى كنت اتحدث إلي روح صافية تمردت علي الموت وخرجت حتى اقتنع تماما ان الجمال لو تجسد في جسد سيدة لن يقبل بأقل منها ، فهي الجمال بكل صوره
ولكنها ذهبت ولن اراها مرة اخرى ،
ظللت ابحث عنها في تلك المكان أياما وشهورا علي امل أن احظى بلقاء الجميلة ولو مرة واحدة اخرى ولكن دون جدوى ،
هجرت بيتى وعملي وكل اهلي حتى اصبح تلك المكان هو مستقري كل يوم وليلة وانا احيا علي أمل لقاء امنريدس وأن املأ عينى من ملامح وجهها ، ولكنها لم تأتى
لن امل الانتظار ، وهي لم تمل من الهجر كل تلك الايام
انا علي العهد ايتها الاميرة وسوف انتظرك علي امل أن احظى يوما بلقاء .
إقرأ ايضا : إست نفرت وتشابه صفاتها مع زوجة فرعون موسي
إرسال تعليق
شكرا علي تعليقاتكم