تبدأ قصة اليوم بملكة حكمت مصر في عهد الدولة الفرعونية الحديثة وتحديدا في عهد الاسرة الثامنة عشر وكان حكمها بعد وفاة زوجها تحتمس الثانى وبدأت حكم مصر كوصية علي الملك الصغير تحتمس الثالث امبراطور الشرق فيما بعد " غنمت آمون حتشبسوت " ابنة الإله آمون كما نقشت ذلك في معبدها في الدير البحرى ، حيث انها ادعت انها ابنة لأكبر المقدسات لأهل مصر آمون واللتى جائت نتيجة علاقة حميمية بين امها احمس والإله آمون معبود طيبة .
ولدت حتشبسوت في العام 1508 ق م قبل الميلاد، وهي الابنة الاكبر ل (تحتمس الاول) ، والملكة (أحمس) .
ويعد الملك (احمس الاول) صاحب الانتصار العظيم في تحرير مصر من الرعاة الهكسوس ، هو جدها الاكبر ومؤسس الاسرة 18 الفرعونية التي انتمت إليها الملكة حتشبسوت واللتى كان عصرحكمها لمصر من اقوى العصور الفرعونية لخامس ملوك الاسرة 18 علي الاطلاق واللذي عزز قوة عصرها هو القوة الاقتصادية والعسكرية بقيادة تحتمس الثالث وريث الملكة علي عرش مصر .
![]() |
معبد الدير البحرى من زاوية بعيدة |
نأتى إلي قصة اجمل صرح معمارى تم تشييده علي الاطلاق وهو معبد الدير البحري بغرب الأقصر ، واللذي أمرت الملكة حتشبسوت ببناءه غرب النيل في منطقة زراع ابو النجا حاليا ليكون معبدها الجنائزى واللذي سوف يساعدها علي انهاء طقوسها الاخيرة عند وفاتها ، فما هي قصة بناءه وما سبب اعتباره من اجمل المعابد الفرعونية علي الإطلاق ؟
إقرأ ايضا : عندما سقط الكرنك
ملك الصعيد والدلتا، ابنة الشمس، صديقة آمون حتشبسوت، حورس الذهبي، مانحة السنين، إلهة الاشراقات، هازمة جميع البلاد، التي تحيي القلوب، السيدة القوية ! هكذا تم وصفها علي جدران الدير البحرى والكرنك
لم يكن تولي الملكة " حتشبسوت " حكم مصر بالشيء اليسير فقد لاقي اعتراض كبير من الكهنة وكذلك اهل مصر انفسهم لعدم تقبلهم فكرة صعود امرأة علي عرش البلاد ، فماذا فعلت الملكة حتشبسوت لتغير عقيدة من حولها من بلاط القصر والكهنة وكذلك عموم الشعب الرافض لها كملك علي عرش مصر ؟
نعتت الملكة نفسها اولا بصفات الرجال والاغرب من ذلك انها تزيت بزيهم بل ظهرت في تماثيلها في معبد الدير البحرى بتركيب الذقن واللذي كان من التشبيهات الذكورية للملوك ومن عاداتهم ، وايضا لم تتزوج بعد وفاه زوجها وكرثت حياتها لمصر فقط ، فنهضت بها نهضة غير مسبوقة في شتى المناحي وأسست دولة عظيمة اكمل وريثها تحتمس الثالث لها لتصبح اكبر امبراطوريات الشرق في ذلك الوقت وكله بفضل قوة الملكة حتشبسوت وجهدها الكبير اللذي بذلته في سبييل النهضة بالمملكة المصرية ،
وكل ذلك علي حساب حياتها الشخصية واللذي ظهر للعامة ولكن هل يوجد ما اخفته الملكة حتشبسوت عن الجميع ؟
![]() |
الملكة حتشبسوت بزى الرجال |
يبدو أن هناك جانب آخر من حياة الملكة لم يظهر للعلن وقد كشفته صفحة كنوز فرعونية كما عهدها من يتابعها !
فرغم تظاهر الملكة حتشبسوت بكونها رجل يحكم البلاد إلا ان فطرتها الانثوية كانت حاجز كبير بينها وبين ما تريد ، كما أن القلب يجبر المرء احيانا ً علي فعل ما لا يريد ، فقد احبت الملكة الشابة بل واغرمت بمهندسها العظيم
" سنموت " او هو من احبها لا نعلم علي وجه اليقين ، فما تم بناءه من معبد غرب النيل لا يمكن ابدا ان يعد شيئا طبيعيا اثمر عنه فكر مهندس معمارى فرعونى ؛ ولكن هذا البناء انشأ من رجل احب شخصا ما ووضع كل حبه في تلك الحوائط والجدران والتماثيل ، حيث يكاد المعبد ينطق بحب من شيده بل إننى اشم في ممراته رائحة عشق لملكة هي الاعظم في تاريخ مصر الفرعونية علي الإطلاق ،
ربما يقول البعض أن ذلك مستحيلا !
نعم هو كذلك مستحيل أن تحب الملكة زات الدم الملكى النقي رجلا من عامة الشعب ؛ وهذا هو سر اخفاء الجميع لحبه للأخر وجعله يسكن القلب ولا يغادر جداره الي الابد ، ولكن فليجيبنى احدكم ! لماذا تم فتح نفق بين مقبرة الملكة حتشبسوت ومقبرة مهندسها " سنموت " هل كان هذا من قبيل الصدفة ؟ ام أنه لم يستطيعا الاجتماع معا في الدنيا للفوارق الاجتماعية فقررا أن يكونا لبعضهما للأبد في حياة لا يوجد فيها حاكم ومحكوم ولا ملكة ورجل من عامة الشعب فيا لله من قسوة الحياة اللتى اذاقت القلوب مرارة الفراق والحرمان .
![]() |
معبد الدير البحرى |
غروب شمس الملكة
يبدو أن الآلهة قد عاقبت حتشبسوت علي حبها وهى ابنة الإله آمون فكيف لها أن تحب مهندسا من عامة الشعب وتضفي عليه اكثر من 80 لقبا بل تجعله خادم ابنتها ومعلمها ، وليس هذا فحسب بل سمحت له أن يجعل مقبرته بقرب معبدها ومقبرتها بالدير البحري !
ولكن يبدو أن الملكة الخمرية الجميلة عوقبت بقسوة من الآلهة علي فعلتها فقد كانت تتألم كل يوم أشد الألم من جراء مرض اصابها لم يكن معروفا حينئذِ ولكن آلامه اشد فتكا من أي ألم علي وجه الارض ولم يكن هناك يومها من المسكنات ما يخفف الالم او يقضي عليه ، فأننى الآن اري الملكة الجميلة صاحبه الخمسين عاما وهي تصرخ من شدة الألم اللذي يفتك بعظامها ولا يتوقف يا لله كم عانت الملكة وعوقبت اشد العقاب واللذي لا يتحمله الرجال ، وعرف مرضها اليوم بأسم السرطان .
وتوفيت حتشبسوت في 10 من الشهر الثاني لفصل الخريف يوافق 14 يناير 1457 قبل الميلاد ليغلق بعدها فصلا من حياة أجمل الملكات واعظمهن علي الاطلاق وكذلك يغلق باب آلام الجميلة لتنعم مع من أحبته في مكان غاب فيه الالم .
إقرأ ايضا : ملك يري حلما وسجين ينقذ مصر من الهلاك
![]() |
تماثيل الملكة حتشبسوت |
إرسال تعليق
شكرا علي تعليقاتكم