كان سقوطه مدويا اصم الآذان واعمى غباره عيون اهل طيبة من حاكمين ومحكومين بسقوطه تم تدمير اسماء اعظم فراعنة مصر الخالدين منذ عهد اولي الاسرات الفرعونية حتى عهد احمس وتحتمس الثالث وحتشبسوت ورمسيس ، سقط الكرنك حين اعتقد اهل طيبة أن كل من دخل مصر من اجانب واوربيين يعشقون الحضارة الفرعونية بكل ما تحمله من عبق وتاريخ عظيم ، لقد سقط الكرنك عندما سلمنا تاريخنا للغرب كونه قد اوهمنا انه يحب مصرنا وحضارتنا الفرعونية اللتى ظلت ضاربة في التاريخ قرابه الاربعه آلاف عام ، وقد حاك لعبته الخبيثة حتى يتسنى له بعد صبر طويل ان نصحو ذات يوم واذا بالكرنك قد سقط .
سوف نتحدث اليوم عن حدث جلل وفاجعة كبري من اسود ايام المصريين حينما سقط الكرنك فدعونا نسرد القصة منذ بدايتها .
" اميل كونسات تيودور بريس دافين" تعمدت ان اضع اسمه كاملا حتى يعرفه الجميع ؛ هو احد الفنانين والمعماريين الفرنسيين ، وكما يطلق عليهم احد مستشرقيها فقد جاء الي مصر في زمن حكم محمد علي باشا واغرم بحضارتها ومعالما اللتى سلبته لبه وفقد في ارض مصر قلبه وكيانه واصبح عاشقا لتلك البلاد بجمالها اللذي لن يستطيع يوما مقاومته ، عاش في مدينة الاقصر في منزل من الطوب اللبن علي ضفاف النيل علي انقاض قصر " امونوبوليس " تركه البحارة الفرنسيين بعدما اتموا مرادهم بنقل مسلة الفرعون رمسيس الثانى من معبد الاقصر واللتى استقرت في ميدان " الكونكورد بفرنسا"
من طول فترة مكوثه في الاقصر تعلم العربية واصبح معروفا لدى جميع سكان الاقصر الطيبين يرسم ويدرس ويسجل انطباعاته ويندمج مع الحياة بين دروبها ،وامتزج مع المصريون يحاكيهم زيا ويتقن لغتهم وباتوا يطلقون عليه اسم " ادريس افندى" وقد عاش ادريس افندى في الاقصر خمس سنوات باحثا ورساما وتثنى له كتابة مجلدات ضخمة في العمارة الفرعونية والاسلامية لن تري النور لأنها كانت شيء لا يذكر امام ما سيفعله ذلك الرجل من فاجعه ادت الي سقوط الكرنك .
لقد أثمرت إقامة "إدريس افندى" بالأقصر عن اكتشافه 12 غرفة فى معبد "خونسو" والعثور على البردية الهيراطيقية التي اشتهرت فى علم البرديات باسمه " بردية بريس دافين" حيث كانت اقامته منذ سنة 1838 حتى سنة 1843 م
وكان له فضل كبير في انقاذ العديد من آثار الاقصر بعلاقاته بمحمد علي باشا فوافق علي اصدار فرمان يمنع تفكيك احجار المعابد او العبث بها حيث استخدمت في بناء المصانع ومعامل البارود واللتى احيانا كانت تفكك بأستخدام الديناميت
ولعل الصداقة التي ربطت بين إدريس افندى وصديق الباشا محمد على ورفيق سلاحه ماهر بك الذى قدم الى الأقصر للإشراف على نقل القمح وبناء معبد للبارود فى الكرنك استطاعت أن تجذب اهتمام هذا التركى الى معالم التراث المصرى والحضارة الفرعونية وبدأ فى استيعاب القيمة التاريخية لهذه الآثار الخالدة ، حيث امر محمد علي باشا بتفكيك بوابات معبد الكرنك لاستخدام احجارها في بناء معمل البارود في الكرنك ، ولكن ادريس افندى اقنع صديقه ماهر بك بالوصول الي محمد علي باشا وثنيه عن فكرة تفكيك البوابات وقد نجح الاخير في ذلك لينقذ اعظم بناء عرفه التاريخ وذلك حتى حين سقوطه .
وتخفي ادريس افندى في عباءة المحافظ علي آثار مصر ولكنه كان يعمل في الخفاء لتحقيق هدفا خبيثا ، حيث كان يواصل العمل ليلا لتفكيك جدارية تحتمس الثالث والمعروفة بغرفة الملوك واللتى سجل تحتمس الثالث عليها صور واسماء لأكثر من 61 ملكا حكم مصر و قام بعدها بتعبئة القطع الجدارية في 18 صندوقا ليتم تهريبها الي خارج مصر ولكنه تم التبليغ عنه من الاهالي الي حاكم اسنا اللذي فرض الحراسة علي منزله حتى لا يستطيع الهرب الي ان قام برشوته واستطاع الهرب بالقطع الجدارية المعبئة في الصناديق لتعرض الآن في متحف اللوفر بباريس وعندها سقط الكرنك وفقد اعظم غرفة لتاريخ الملوك واللتى انشأها الملك تحتمس الثالث ، وبذلك فقدت الحضارة المصرية جزءا من اعظم اجزاء المعبد علي الاطلاق .
إرسال تعليق
شكرا علي تعليقاتكم