U3F1ZWV6ZTIzNzQwNDc0MzQ0OTFfRnJlZTE0OTc3NTQ0MDczNTA=

الملك احمس وأمراء الجنوب وبداية التحرير لمصر الفرعونية



“إن أصوات أفراس النهر في طيبة، تقض مضجعي”.
من هنا بدأت شرارة اولي ثورات التحرير في تاريخ مصر 
حين رفض الملك سقنن رع ملك الجنوب في طيبة الاستجابة لمطالب ملك الشمال المحتل من خلع التاج الابيض تاج جنوب مصر لعدم اعتراف المحتل بحكم الملك سقنن رع ، وطلب ايضا قتل افراس النهر في نهر النيل في طيبة ، لم تكن مناما مفزعا ولكنه تدبيرا منه ومن مستشاريه لتكون زريعه اشتعال الحرب لتتم لملك الهكسوس في الشمال السيطرة الفعلية علي جنوب مصر كما هو الحال في الشمال ، وليبسط نفوزه بالكامل علي القطر المصري ولا يكون الامر قاصرا علي ارسال بعثاته لطيبة لتأتى محملة بالغلال والاحجار الكريمة لتبدو كأنها جزية ويراها اهل طيبة وحاكمها بأنها رشوة لتجنب ويلات الحرب غير المتكافئة واكبر مثال علي عدم تكافؤ الجبهتين هو استشهاد الملك سقنن رع في ساحة المعركة بإصابات تبدو كأنه كان وحده في ساحة المعركة بعد أن زبح جيشه بالكامل ، ليتبعه بعد عشر سنوات من المعارك ابنه الامير كاموس وبنفس سيناريو الاستشهاد في ساحة القتال  وقد اندلعت حرب التحرير لرفض الملك سقنن رع الإزعان لطلبات ملك الاحتلال في الشمال ، لأن ما طلبه من سقنن رع لم يكن بمثابة فرض سيطرة قدر ما هو ازلال الهدف منه تحريضه علي المواجهة لعلمه الشديد بطباع اهل الجنوب وملكها في المقدمة بموتهم اللذي يكون ثمنا ضئيلا جدا في مقابل كرامتهم ، لتبدأ بعدها حربا بدأت بفقدان قادة الجنوب الاوائل وأنتهت بخروج المحتلين من ارض مصر بلا عودة .

رسالة إزلال من ملك الشمال المحتل :-
كانت تلك الرسالة التي بعث بها أبوفيس حاكم الهكسوس للأمير سقنن- رع، والتي  كانت ذريعة الملك المغتصب لشن الحرب على الأمير الثائر.
كفاح المصريين في طيبة “الأقصر”  ضد غزو الهكسوس، الذي راح ضحيته على التوالي سقنن- رع، وكامس، وجاء الانتصار أخيرا على يد أحمس، الذي ثأر لمقتل والده وأخيه، وحرر مصر من قبضة الملوك الرعاة، وبذلك انتهى عصر الاضمحلال الثاني “1650-1550 ق.م”، وأسس أحمس الأول الدولة الحديثة “1560 – 1525ق.م” يعتبر هو الحدث الأكبر في تلك الفترة اللتى ساد فيها الظلم والبطش علي عموم الشعب المصري ، كما تعتبر هي الفترة الاسوء في تاريخ مصر الفرعونية ، واللتى تبعها بناء دولة حديثة وفترة ذهبية نهضت فيها مصر الفرعونية من كبوتها وتخلصت من قيود الاحتلال .
 وقد تم تدوين تلك الفترة في بردية سايه بالمتحف البريطاني، وتعود إلى عهد الملك مرنبتاح “1213-1203ق.م”، وهي قصة تصور كفاح المصريين في أولى ثوراتهم ضد الاحتلال الأجنبي، وأبطالها شخصيات مصرية معروفة، سقنن – رع الأب وكامس الابن، واللذان استشهدا في حرب التحرير وخلفهما الابن الأصغر أحمس، ملمحا إلى الدور الذي قامت به زوجة سقنن – رع (تيتي شيري) من مساندتها لزوجها وأبنائها في قضيتهم العادلة ضد المحتل الغاشم.

احتلال ملوك الرعاة وفرض سيطرتهم 
واشتعال فتيل الحرب :-
 تبدأ القصة بالإشارة إلى الفاجعة التي أصابت مصر في نهاية عصر الدولة الوسطى، وهو ما عرف بعصر الاضمحلال الثاني، حين زحف (الحقا سو) أو الهكسوس، والتي تعني الحكام الرعاة، واحتلوا الجزء الشمالي من مصر، ونصب أبو فيس ملكا على الشمال واتخذ من صان الحجر عاصمة له وجعل من الإله سوتيخ “الاسم المحرف للإله ست إله الشر”، المعبود الرسمي لمملكته، وبحسب سياق القصة فقد فرض أبو فيس سيطرته على معظم المقاطعات المصرية ما عدا طيبة، والتي كان يحكمها في ذلك الوقت سقنن – رع، وكانت تتمتع بنوع من الاستقلالية عن حكم الهكسوس، إذ رفض سقنن – رع أن يحذو حذو أبوفيس ويتخذ من سوتيخ معبودا رئيسيا، وأبقى على عبادة الإله آمون رع، وبذلك اعتبر حاكم الهكسوس ذلك عصيان ينبئ بثورة مصرية محتملة، وبدأ يخطط لذريعة لقمعها في مهدها.

وعلي اثرها اجتمع أبوفيس مع قواده ومستشاريه وناقش معهم كيفية إيجاد طريقة للتصعيد مع سقنن – رع وجره إلى حرب مبكرة، فأشار عليه أحد المستشارين بأن يوجد في الجنوب بحيرة جاموس نهري، تحدث أصوات مزعجة أثناء الليل  تصل إلى آذان سكان الشمال وتزعجهم وتمنعهم من النوم، ويشير على الملك بأن يرسل رسولا إلى سقنن – رع ينقل له شكوى أهل الشمال وطلب الملك بأن يقتل أفراس النهر ، فيستحسن أبو فيس الاقتراح ويرسل رسوله إلى الجنوب.

وصل رسول ملك الهكسوس إلى طيبة، ويلتقيه سقنن –رع ويعرف من فحوى الرسالة أن حاكم الهكسوس يضعه في اختبار صعب، فإما أن يستجيب إلى طلبه بقتل أفراس النهر وفي ذلك شبه إذعان واستسلام للملك الغازي؟ أو أن يرفض صراحة فتشتعل الحرب؟، يصمت سقنن –رع طويلا أمام الرسول ولم يعطه إجابة  واضحة، وأمر بأن يقدم له الطعام وجميع سبل الراحة، ثم طلب منه العودة إلى سيده، وبعد رحيل رسول الهكسوس اجتمع بقواد جيشه وعرض عليهم الأمر، فيصيبهم الوجوم، ويصمتوا لمدة طويلة، والجزء المفقود من الرسالة حمل تصعيدا جديدا من حاكم الهكسوس، كان بداية حرب باسلة خاضها أمراء الجنوب وراحوا ضحيتها واحدا تلو الآخر.

بسالة الملك سقنن رع ملك طيبة :-
وقد تم  العثور على بردية من عصر الدولة الحديثة، تحتوي على خاتمة حكاية الصراع بين سقنن رع وأبوفيس، وهو ما عرف اصطلاحا بحرب التحرير أو ثورة التحرير، موردا في كتابه “موسوعة مصر القديمة – الجزء الرابع”، أن سقنن رع كرجل شجاع رفض الخضوع لبجاحة أبو فيس وبدأ في الإعداد لحرب التحرير، وقد أوضحت مومياء سقنن رع مدى البسالة التي أظهرها في قتاله ضد الهكسوس، إذ وجد في جسده آثار للعديد من الطعنات والضربات القوية على الرأس والأضلع ليموت كأول شهيد في معركة الاستقلال.

رأس الملك سقنن رع المحطمة بالعديد من الاصابات


الامير كامس علي خطا ابيه :-
وقد نشبت المعركة الاولي  بين البطل المصري والمحتل في حوالي “1590 ق.م”، ويخلفه ابنه كامس والذي بدأ الحرب الفعلية ضد الهكسوس وانتصر عليهم في إحدى الوقائع حينما حاولوا الزحف من الدلتا إلى مصر الوسطى فقابلهم بجيشه وأوقع بهم الهزيمة في مكان بالقرب من الأشمونين.

وتلك الحروب استمرت سجالا ما بين الهكسوس وكامس على مدار عشر سنوات فترة حكمه، ولكن مات كامس في إحدى المعارك وهو ما أخبرت به موميائه المشوهة بفعل طعنات السيوف، وبعد موت كامس اعتلى عرش المملكة الجنوبية أحمس (1580-1558 ق.م)، والذي استطاع بعد أقل من خمس سنوات مواصلة حروب الاستقلال أن يطرد الهكسوس تماما من مصر، ويعيد توحيد مصر في دولة واحدة بشطريها الشمالي والجنوبي، 

انتصار الملك احمس وتحرير البلاد :-
تعتبر معظم النصوص التاريخية ومنها اللوحة الحجرية التي وضعها أحمس بمعبد الكرنك لتخليد أعماله تشير إلى “بلطة أحمس”، والتي كانت سلاحه الشخصي الذي قتل به ملك الهكسوس.

كما لم ينس الملك احمس والدته الملكة تيتي شيري وخلد ذكراها في لوحة حجرية بمعبد العرابة المدفونة بأبيدوس، لأن الملكة المصرية الأم ضربت مثالا وطنيا أولا في الوقوف بجوار زوجها في حربه مع الهكسوس ثم تحملت مصيبة فقده وشاركت ابنها كامس في مواصلة كفاح المصريين حتى استشهد هو أيضا، وبحسب اللوحة الحجرية فقد اهتمت الملكة الأم بشؤون الجبهة الداخلية أثناء اندلاع المعارك بين ابنها الثاني أحمس والهكسوس، وكانت تقوم بجولات بين المدن والمقاطعات لتحريض الشعب على مساندة الملك في حربه لتحرير الوطن، حتى تحقق الاستقلال ، ليتم بذلك انتصارا ساحقا للمصريين علي الملوك الرعاة المحتلين منذ اكثر من 200 عام تجرع فيهم المصريين مرارة الإزلال والوحشية ، ولم تدون في تلك الفترة إلا ماوصلنا وهو النذر اليسير عن حياة المصريين البائسة في ظل وجود الاحتلال وسيطرته علي ارضهم ، إلي ان انتهي هذا الليل الحالك السواد بفجر انتصار وحد شمال البلاد وجنوبها مرة أخري تحت حكم ملك محرر مصري " الملك احمس" .
الملكة احمس نفرتارى اول قائد فرقة عسكرية  

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

شكرا علي تعليقاتكم

الاسمبريد إلكترونيرسالة

بحث هذه المدونة الإلكترونية
Translate

اخر المواضيع

Statcounter
View My Stats

اخر المواضيع

googel